فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الزمخشري:

سورة التين مكية.
وآياتها 8.
نزلت بعد البروج.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة التين: الآيات 1- 8]

{وَالتين والزيتون (1) وَطُورِ سينين (2) وَهذَا البلد الأمين (3) لَقَدْ خلقنا الإنسان فِي أحسن تقويم (4) ثُمَّ رَدَدْناهُ أسفل سافلين (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ ممنون (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الحاكمين (8)}
أقسم بهما لأنهما عجيبان من بين أصناف الأشجار المثمرة، وروى أنه أهدى لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه: «كلوا، فلو قلت إنّ فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه، لأنّ فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوها. فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس» ومرّ معاذ بن جبل بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيبا واستاك به وقال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول «نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة» وسمعته يقول «هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي» وعن ابن عباس رضى اللّه عنه: هو تينكم هذا وزيتونكم.
وقيل: جبلان من الأرض المقدّسة يقال لهما بالسريانية: طور تينا وطور زيتا، لأنهما منبتا التين والزيتون. وقيل {التين} جبال ما بين حلوان وهمدان. و{الزيتون} جبال الشام، لأنها منابتهما، كأنه قيل: ومنابت التين والزيتون. وأضيف الطور: وهو الجبل، إلى {سينين}: وهي البقعة. ونحو سينون: يبرون، في جواز الإعراب بالواو والياء، والإقرار على الياء، وتحريك النون بحركات الإعراب. وللبلد: مكة حماها اللّه. و{الأمين}: من أمن الرجل أمانة فهو أمين.
وقيل: أمان، كما قيل: كرام في كريم. وأمانته: أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه. ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول، من أمنه لأنه مأمون الغوائل، كما وصف بالأمن في قوله تعالى: {حَرَماً آمِناً} بمعنى: ذى أمن. ومعى القسم بهذه الأشياء.
الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين، فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم ومولد عيسى ومنشؤه. والطور: المكان الذي نودي منه موسى. ومكة: مكان البيت الذي هو هدى للعالمين، ومولد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ومبعثه فِي أحسن تقويم في أحسن تعديل لشكله وصورته وتسوية لأعضائه. ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية: أن {رددناه أسفل} من سفل خلقا وتركيبا، يعنى: أقبح من قبح صورة وأشوهه خلقة، وهم أصحاب النار أو {أسفل} من سفل من أهل الدركات. أو {ثم رددناه} بعد ذلك التقويم والتحسين {أسفل} من سفل في حسن الصورة والشكل: حيث نكسناه في خلقه، فقوّس ظهره بعد اعتداله، وابيض شعره بعد سواده، وتشنن جلده وكان بضا، وكلّ سمعه وبصره وكانا حديدين، وتغير كل شيء منه: فمشيه دليف، وصوته خفات، وقوته ضعف، وشهامته خرف وقرأ عبد اللّه: {أسفل السافلين}.
فإن قلت: فكيف الاستثناء على المذهبين؟
قلت: هو على الأول متصل ظاهر الاتصال، وعلى الثاني منقطع. يعنى: ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء اللّه بالشيخوخة والهرم، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة على تخاذل نهوضهم.
فإن قلت: {فَما يُكَذِّبُكَ} من المخاطب به؟
قلت: هو خطاب للإنسان على طريقة الالتفات، أى: فما يجعلك كاذبا بسبب الدين وإنكاره بعد هذا الدليل، يعنى أنك تكذب إذا كذبت بالجزاء، لأنّ كل مكذب بالحق فهو كاذب، فأىّ شيء يضطرك إلى أن تكون كاذبا بسبب تكذيب الجزاء. والباء مثلها في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} و{الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} والمعنى: أنّ خلق الإنسان من نطفة، وتقويمه بشرا سويا وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوي، ثم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر: لا ترى دليلا أوضح منه على قدرة الخالق، وأن من قدر من الإنسان على هذا كله: لم يعجز عن إعادته، فما سبب تكذيبك أيها الإنسان بالجزاء بعد هذا الدليل القاطع.
وقيل: الخطاب لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الحاكمين} وعيد للكفار، وأنه يحكم عليهم بما هم أهله.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قرأها قال: «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين».
عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والتين أعطاه اللّه خصلتين: العافية واليقين ما دام في دار الدنيا، وإذا مات أعطاه اللّه من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة». اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {والتين والزيتون}
هما قَسَمان، وفيهما ثمانية تأويلات:
أحدها: أنهما {التين والزيتون} المأكولان، قاله الحسن وعكرمة ومجاهد.
الثاني: أن {التين} دمشق، و{الزيتون} بيت المقدس، قاله كعب الأحبار وابن زيد.
الرابع: أن {التين} مسجد دمشق، و{الزيتون} مسجد بيت المقدس، قاله الحارث وابن زيد.
الخامس: الجبل الذي عليه {التين}، والجبل الذي عليه {الزيتون}، قاله ابن قتيبة، وهما جبلان بالشام يقال لأحدهما طور زيتا، وللآخر طور تيناً، وهوتأويل الربيع.
وحكى ابن الأنباري أنهما جبلان بين حلوان وهمدان، وهو بعيد.
السادس: أن {التين} مسجد أصحاب الكهف، و{الزيتون} مسجد ايليا، قاله محمد بن كعب.
السابع: أن {التين} مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي، و{الزيتون} مسجد بيت المقدس، قاله ابن عباس.
الثامن: أنه أراد بهما نعم الله تعالى على عباده التي منها {التين والزيتون}، لأن {التين} طعام، و{الزيتون} إدام.
{وطورِ سينين} وهو قَسَم ثالث وفيه قولان:
أحدهما: أنه جبل بالشام، قاله قتادة.
الثاني: أنه الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام، قاله كعب الأحبار.
وفي قوله: {سينين} أربعة أوجه:
أحدها: أنه الحسن بلغة الحبشة، ونطقت به العرب، قاله الحسن وعكرمة.
الثاني: أنه المبارك، قاله قتادة.
الثالث: أنه اسم البحر، حكاه ابن شجرة.
الرابع: أنه اسم للشجر الذي حوله، قاله عطية.
{وهذا البلد الأمين} يعني بالبلد مكة وحرمها، وفي الأمين وجهان:
أحدهما: الآمن أهله من سبي أو قتل، لأن العرب كانت تكف عنه في الجاهلية أن تسبي فيه أحداً أو تسفك فيه دماً.
الثاني: يعني المأمون على ما أودعه الله تعالى فيه من معالم الدين، وهذا قَسَم رابع.
{لقد خلقنا الإنسان} وفي المراد بالإنسان ها هنا قولان:
أحدهما: أنه أراد عموم الناس، وذكر الإنسان على وجه التكثير لأنه وصفه بما يعم لجميع الناس.
الثاني: أنه أراد إنساناً بعينه عناه بهذه الصفة، وإن كان صفة الناس.
واختلف فيمن أراده الله تعالى، على خمسة أوجه:
أحدها: أنه عنى كلدة بن أسيد، قاله ابن عباس.
الثاني: أبا جهل، قاله مقاتل.
الخامس: أنه عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي قوله: {في أحسن تقويم} أربعة أقاويل:
أحدها: في أعدل خلق، قاله ابن عباس.
الثاني: في أحسن صورة، قاله أبو العالية.
الثالث: في شباب وقوة، قاله عكرمة.
الرابع: منتصب القامة، لأن سائر الحيوان مُنْكَبٌّ غير الإنسان، فإنه منتصب، وهو مروي عن ابن عباس.
ويحتمل خامساً: أي في أكمل عقل، لأن تقويم الإنسان بعقله، وعلى هذا وقع القَسَم.
{ثم ردَدْناهُ أسفل سافلين} فيه قولان:
أحدهما: إلى الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، قاله الضحاك والكلبي، ويكون أسفل بمعنى بعد التمام.
الثاني: بعد الكفر، قاله مجاهد وأبو العالية، ويكون أسفل السافلين محمولاً على الدرك الأسفل من النار.
ويحتمل ثالثاً: إلى ضعف التمييز بعد قوّته.
{فلهم أَجْرٌ غَيْرُ ممنون} فيه ستة أوجه:
أحدها: غير منقوص، قاله ابن عباس، وقال الشاعر:
يا عين جودي بدمع غير ممنون

الثاني: غير محسوب، قاله مجاهد.
الثالث: غير مكدر بالمنّ والأذى، قاله الحسن.
الرابع: غير مقطوع، قاله ابن عيسى.
الخامس: أجر بغير عمل، قاله الضحاك.
وحكي أن من بلغ الهرم كتب له أجر ما عجز عنه من العمل الصالح.
السادس: أن لا يضر كل أحد منهم ما عمله في كبره، قاله ابن مسعود.
{فما يُكذِّبُكَ بَعْدُ بالدين} فيه وجهان:
أحدهما: حكم الله تعالى، قاله ابن عباس.
الثاني: الجزاء، ومنه قول الشاعر:
دِنّا تميماً كما كانت أوائلُنا ** دانَتْ أوائلَهم في سالفِ الزَّمَنِ

{أليْسَ اللهُ بأحْكَمِ الحاكمين} وهذا تقرير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم، وفيه وجهان:
أحدهما: {بأحكم الحاكمين} صنعاً وتدبيراً، قاله ابن عيسى.
الثاني: {بأحكم الحاكمين} قضاء بالحق وعدلاً بين الخلق وفيه مضمر محذوف، وتقديره: فلِمَ ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء.
وكان علي رضي الله عنه إذا قرأ {أليس الله بأحكم الحاكمين} قال: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ونختار ذلك. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {والتين والزيتون}
فيهما سبعة أقوال:
أحدها: أنه {التين} المعروف، و{الزيتون} المعروف، قاله ابن عباس، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وإبراهيم.
وذكر بعض المفسرين أنه إنما أقسم بـ: {التين} لأنها فاكهة مُخَلَّصة من شائب التنغيص، وهو يدل على قدرة من هيَّأه على تلك الصفة.
وجعل الواحدة منه على مقدار اللقمة، وإنما أقسم بـ: {الزيتون} لكثرة الانتفاع به.
والثاني: أن {التين}: مسجد نوح عليه السلام الذي بنى على الجودي.
و{الزيتون}: بيت المقدس، رواه عطية عن ابن عباس.
والثالث: {التين} المسجد الحرام، و{الزيتون}: المسجد الأقصى، قاله الضحاك.
والرابع: {التين}: مسجد دمشق، و{الزيتون}: بيت المقدس، قاله كعب، وقتادة، وابن زيد.
والخامس: أنهما جبلان، قاله عكرمة في رواية.
وروي عن قتادة قال: {التين}: الجبل الذي عليه دمشق، و{الزيتون}: الجبل الذي عليه بيت المقدس.
والسادس: أن {التين}: مسجد أصحاب الكهف، و{الزيتون}: مسجد إيلياء، قاله القرظي.
والسابع: أن {التين}: جبال ما بين حلوان إلى همذان، و{الزيتون}: جبال بالشام، حكاه الفراء.
فأما {طور سينين} فالطور: جبل وفيه قولان.
أحدهما: أنه الجبل الذي كلم الله موسى عليه، قاله كعب الأحبار في الأكثرين.
والثاني: أنه جبل بالشام، قاله قتادة.
فأما {سينين} فهو لغة في سيناء.
وقد قرأ على، وسعد بن أبي وقاص، وأبو العالية، وأبو مجلز و{طور سَيناء} ممدودة مهموزة، مفتوحة السين.
وقرأ ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو حيوة {وطورِ سيناء} مثلهم إلا أنهم كسروا السين.
وقرأ أبو رجاء، والجحدري {سينين} كما في المصحف، لكنهما فتحا السين.
وقال ابن الأنباري: {سينين} هو سيناء.
واختلفوا في معناه، فقيل: معناه: الحسن.
وقيل: المبارك.
وقيل: إنه اسم للشجر الذي حوله.
وقد شرحنا هذا في سورة [المؤمنين: 20] قال الزجاج: وقد قرئ هاهنا {وطور سَيْناء} وهو أشبه لقوله تعالى: {وشجرةً تخرج من طُورِ سيناء} [المؤمنون: 20].
وقال مقاتل: كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين، وسيناء بلغة النبط.
قوله تعالى: {وهذا البلد الأمين} يعني: مكة يأمن فيه الخائف في الجاهلية، والإسلام قال الفراء: ومعنى {الأمين} الآمن.
والعرب تقول للأمين: آمن.
قال الشاعر:
أَلَمْ تَعْلَمي يا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّني ** حَلَفْتُ يَمِيناً لا أَخُونُ أَمِينِي

يريد آمني.
قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان} هذا جواب القسم.
وفي المراد بالإنسان هاهنا خمسة أقوال.
أحدها: أنه كَلدَة بن أسيد، قاله ابن عباس.
والثاني: الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.
والثالث: أبو جهل بن هشام.
والرابع: عتبة، وشيبة، حكاهما الماوردي.
والخامس: أنه اسم جنس، وهذا مذهب كثير من المفسرين، وهو معنى قول مقاتل.
قوله تعالى: {في أحسن تقويم} فيه أربعة أقوال.
أحدها: في أعدل خلق.
والثاني: منتصب القامة، رويا عن ابن عباس.
والثالث: في أحسن صورة، قاله أبو العالية.
والرابع: في شباب وقوة، قاله عكرمة {ثم رددناه أسفل سافلين} فيه قولان.
أحدهما: إلى أرذل العُمُر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وإبراهيم، وقتادة.
وقال الضحاك: إلى الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوَّة، والسافلون: هم الضعفاء، والزَّمنى، والأطفال، والشيخ الكبير أسفل هؤلاء جميعاً.
قال الفراء: وإنما قال: {سافلين} على الجمع، لأن الإنسان في معنى جمع.
تقول: هذا أفضل قائم، ولا تقول: قائمين، لأنك تريد واحدًا، فإذا لم ترد واحدًا ذكرته بالتوحيد وبالجمع.
والثاني: إلى النار، قاله الحسن، وأبو العالية، ومجاهد.
والمعنى: إنا نفعل هذا بكثير من الناس.
تقول العرب: أنفق فلان ماله على فلان، وإنما أنفق بعضه، ومثله قوله تعالى: {الذي يؤتي ماله يتزكى} [الليل: 18] لم يُرِدْ كُلَّ ماله.
ثم استثنى من الإنسان فقال تعالى: {إلا الذين آمنوا} لأن معنى الإنسان الكثير.
وللمفسرين في معنى الاستثناء قولان:
أحدهما: إلا الذين آمنوا، فإنهم لا يُرَدُّون إلى الخَرَف وأَرْذَل العُمُر وإن عُمِّروا طويلاً، وهذا على القول الأول.
قال ابن عباس: من قرأ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر.
وقال النخعي: إذا بلغ المؤمن من الكِبَر ما يعجز عن العمل كُتِبَ له ما كان يعمل، وهو قوله تعالى: {فلهم أجر غير ممنون} وقال ابن قتيبة: المعنى: إلا الذين آمنوا في وقت القوَّة والقدرة، فإنهم حال الكِبَر غير منقوصين وإن عجزوا عن الطاعات، لأن الله تعالى علم أنهم لو لم يسلبهم القوَّة لم ينقطعوا عن أفعال الخير، فهو يجري لهم أجر ذلك.
والثاني: إلا الذين آمنوا، فإنهم لا يُرَدُّون إلى النار.
وهذا على القول الثاني.
وقد شرحنا معنى {الممنون} في (ن) [آية: 3].
قوله تعالى: {فما يكذِّبك بعد بالدين} فيه قولان.
أحدهما: {فما يكذِّبك} أيها الإنسان بعد هذه الحجة {بالدين} أي: ما الذي يجعلك مكذِّباً بالجزاء؟! وهذا توبيخ للكافر، وهو معنى قول مقاتل.
وزعم أنها نزلت في عدي بن ربيعة.
والثاني: فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعدما تبين له خلقنا الإنسان على ما وصفنا، قاله الفراء.
فأما (الدِّين) فهو الجزاء.
والمشار بذكره إلى البعث، كأنه استدل بتقليب الأحوال على البعث.
قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} أي: بأقضى القاضين.
قال مقاتل: يحكم بينك وبين مكذِّبيك.
وذكر بعض المفسرين: أن معنى هذه الآية تسليته في تركهم والإعراض عنهم.
ثم نسخ هذا المعنى بآية السيف. اهـ.